أخر الاخبار

مشاكل العالم العربي

 ان أهم مشاكل العالم العربي التي تعوق تقدمه وما يزال يتخبط فيها حتى الآن تعود جذورها الى فترة قديمة قبل الحرب العالمية الثانية ، و بعضها يعود الى زمن أكثر قدما ، ولكنها برزت في فترة ما بعد بصورة أكثر حدة نتيجة لانتشار الوعى وخروج المنطقة من الركود العام الذي كان يسودها قبل ذلك ، وتمخض الأوضاع فيها بظهور دول مستقلة جديدة ، وحركات سياسية واجتماعية نشيطة ، وتبلور أماني الأمة العربية في شكل اهداف محددة أصبحت الشغل الشاغل للطلائع القيادية.




ويمكن القول ان أهم مشكلة تواجه الوطن العربي هي مشكلة التمزق وانعدام الوحدة القومية فرغم ان هناك عناصر كثيرة من مقومات هذه الوحدة القومية تتوفر في جميع الاقطـار مثل عنصر اللغة والدين والتاريخ المشترك والعادات المتشابهة والأوضاع الاجتماعية المتماثلة والتكامل الاقتصادي والآمال المشتركة ، ورغم الشعور بضرورة تحقيق هذه الوحدة المنشودة ، وبعض المبادرات لانجازها ، رغم كل ذلك فأنها ما تزال أمنية بعيدة المنال واذا تأملنا اسباب هذا التمزق والتشتت نجدها تكمن في سببين رئيسيين احدهما خارجي والآخر داخلي أمـا ، السبب الخارجي فهو من فعل الاستعمار الذي جثم على معظم الاقطـار العربية وقسمها الى مناطق نفوذ ودويلات و امارات تبعا للمبدأ المشهور « فرق تسد » . وحين اضطر الاستعمار الى الانسحاب من بعض المناطق ترك عملاءه وانصــاره والمرتبطين به فکريا وماديا لتكريس هـذا الانقسام والسهر على بقائه ، واما السبب الداخلي فيعود الى الاختلاف بين العرب أنفسهم حكاما ومحكومين حول هذه الوحدة المنشـودة والطريق الى تحقيقها والزمان المناسب لذلك ، وهذه الاختلافات اما عقائدية أو مظهرية والنتيجة واحدة تكمن في تأجيل انجاز الوحـدة وتكريس الانقسام فترة بعد أخرى.


والمشكلة الثانية العويصة التي جابهت العرب وسببت لهم كثيرا من الآلام واعاقت سيرهم نحو التقدم والتطور هي مشكلة فلسطين ، واذا كان ليس هذا هو الموضوع المخصص لعرض هذه المشكلة فلابد من الاشارة الى ان مشكلة فلسطين تعتبر بحق سرطانا في جسم الامة العربية وخنجرا في صميمها فقد شردت نحو مليونين من ابنائها واستنزفت
موارد عدة دول عربية واعاقت بذلك تطورها العام واقتطعت من الوطن العربي أجزاء كبيرة وقعت تحت الاحتلال الصهيوني بتأييد الامبريالية العالمية كما كانت هذه القضية منذ نشأتها سببا هاما من اسباب التفرق والاختلاف بين القادة العرب وتنابذهم ومن ثم فهي نتيجة وسبب للتفرق في آن واحد.


والمشكلة الثالثة التي يعاني منها العرب بوجه عام هي التخلف الشامل بالنسبة للعالم الحديث فرغم اتساع الوطن العربي وكثرة سكانه الذين يتجاوزون مائة مليون نسمة ورغم ما يزخر به من ثروات زراعية وصناعية فأن أغلبية سكانه فقراء يرتع فيهم الجهل ، وخيراته البترولية تذهب الى الأعداء مستعمري الأمس لتزيد من قوتهم وغناهم ، وماتزال أكثر البلاد العربية تستورد الحاجيات الاساسية من المواد الغذائية حتى الأدوات البسيطة ويبدو ان ما تبذله بعض الدول التقدمية مثل الجزائر ومصر لا يكفي وحده لاخراج العرب من التخلف الذي يتخبطون فيه الآن.


وأخيرا يجب ان نلاحظ ان العالم العربي يعاني من عدم الاستقرار في نظم الحكم بالنسبة لاكثر المناطق المستقلة وخاصة بعد الحرب العالمية الثانية ، لقد جرب العرب مختلف النظم السياسية الحديثة المظهر مثل النظام البرلماني الغربي ، ثم نظـام الديمقراطية الموجهة ، وبعض الحكومات لا تزال حكومات ملكية استبدادية وبعضها يسلك سياسـة خارجية تحررية والبعض الآخر مرتبط بمعاهدات واحلاف الـدول الاستعمارية ، ان هذا التناقض في نظم الحكم كثيرا ما أدى الى ضياع مصالح العرب عموما وعرقل محاولات الوحدة ، وانتـج الانقلابات العسكرية المتتالية و الصراعات الداخلية التي تسنفذ الكثير من الطاقات و تضيعها هباء بدل أن توجه نحو البناء و التقدم.



تعليقات



حجم الخط
+
16
-
تباعد السطور
+
2
-