أخر الاخبار

القلم الضرير ... طه حسين

انه من مواليد عام 1889 م ، أديب و ناقد مصري ، يفتخر به العرب و العجم لما قدمه من فلسفات نقدية و أدبية و أفكار ان لم أقل مفكرات اجتماعية سياسية ، حمل وجهه النظارة السوداء القاتمة ، و حمل عقله الأدب و مشتقاته ، انه الكاتب و المفكر و الناقد و الناصح طه حسين.


ولد طه حسين في الخامس عشر من شهر نوفمبر من عام 1889 م بمصر ، من أسرة شبه فقيرة ، تربى تحت ظلال القرآن ، حتى صار أزهريا بامتياز ، هذا الضرير الذي جعل الناس يبصرون قام بركوب البحر و رمى بالعمامة في اليم ، منتقلا من أروقة الأزهر الى دروب بلاد الغال ، من ضفة عربية اسلامية سلفية الى ضفة غربية ليبيرالية اجتماعية ، مكنت هذه الرحلة من امتزاج الثقافة العربية المحافظة مع الثقافة الفرنسية المتحررة ، و اتصل العلم بالعمل و التاريخ بالسياسة و الفكر بالنقد ، فكان الخليط متجانسا رغم الفارق المجتمعي.


لن أتكلم عن قواعد النحو و الصرف و لا عن الشعر الجاهلي و لا حتى عن الاستعارة و البدل ، بل الكلام عن التحرر الاجتماعي ، فالوطن العربي يحتاج الى تحرير العقول أكثر من احتياجه الى فن الاعراب ، و يحتاج الى اصلاح المجتمع قبل اصلاح تعبيره ، و هذا ما أراده طه حسين في العديد من مؤلفاته كمدرسة الأزواج و المعذبون في الأرض.


ثورة التعبير عند طه حسين كانت مقترنه بثورة الفكر ، و تصر في كل مرة على تحرير العقل من الأصفاد ، و تحرير الأدب من العبودية ، فقال بلسانه العربي " الفن حرية لا رق ، فاذا أردت من الشباب أن يذوقوا الفن و يسيغوه و يحاولوه و يبتكروه فاجعلهم أحرارا ، لأن الفن أثار من أثار الأحرار لا من أثار العبيد " 


وفي لقاء له مع مجموعة من الأدباء المصريين ، دافع طه حسين عن النظرة الفلسفية العربية ، قائلا أن " أبي العلاء المعري هو الشاعر الفيلسوف الوحيد في اللغة العربية لأنه لا يأتي بحكم كما كان أبو العتاهية و انما هو يتفلسف في الأشياء و يقول رأيه في حياة الناس ، فهو ينظر الى الحياة نظرة فلسفية ، و يصورها ناقدا لها و مصححا لها في كثير من الأحداث " ،  و انتقد بصريح العبارة النظرة الفلسفية الفرنسية حتى قال " القصة الفلسفية التي أنكرها هي بعض القصص التي ظهرت بفرنسا مثل قصص كامو و نتالي ساروت هو نوع من الافلاس ، لأن الأدب الفرنسي تعرض لأزمة ، و هذا نوع من الثرثرة في غير فائدة " ، و شدد اللهجة و قال " ان سائر قصص ألبرت كامو هي نوع من الفلسفة التي لا تدل على الأدب بمقدار ما تدل على أن صاحبها لا يدري ما يقول ".


ان هذا الكم الهائل من الأدب و الفلسفة و التحدي لا ينبع الا من العظماء ، الذين أسروا حياتهم في سبيل العلم و الأدب رغم ما مروا به ، حتى قال عنه عباس محمود العقاد " رجل جريء العقل مفطور على المناجزة ، و التحدي " و قال عنه الكاتب أحمد علبي " رجل و فكر و عصر " ، و كما هي الحياة البشرية ، ان الجميع يرحل الى اللا عودة ، فرحل طه حسين  و فارق الدنيا عام 1973 م ، تاركا وراءه أدبا لا ينسى و فلسفة لا تمحى .


بقلم أ. دميني نورالدين

تعليقات



حجم الخط
+
16
-
تباعد السطور
+
2
-