العصـور المظلمـة عندما ضربت
أوروبا:
الفلاحون وكفاف العيش:
كان المجتمع الأوروبي
في العصر الوسيط ريفيا ، يمثل الفلاحون فيه نسبة 90 ٪ من السكان ، يخضعون إداريا
لسلطة الأسياد الذين يملكون الأرض والفلاحون فئتان : الأولى تتمتع بالحرية ،
وتستطيع مغادرة مزرعة عندما تشاء ، أما الفئة الثانية ، والتي تسمى الأقنان (
مفردها قن ) ، فتمثل عبيد الارض ، حيث يمكن للسيد أن يبيع أقنانه أو يستبدلهم أو
يهبهم لغيره ، شأنهم في ذلك شأن الحيوان والعتاد .
كان على الفلاح
وزوجته وأولاده أن يكثوا ويتعبوا طيلة السنة مستعملين أدوات بسيطة لاتسمح بإنتاج
وفير، وكان عليهم أن يدفعوا للسيد ، مالك الأرض ، ضرائب نقدية أو عينية ( دواجن أو
حبوب ) ، كما يتوجب عليهم استعمال مرافق المزرعة التي يملكها السيد ( الطاحونة ، الفرن
... ) ، وأن يقوموا بأعمال السخرة لفائدته.
كانت فئة الفلاحين تعيش في رعب مستمر خوفا من الكوارث الطبيعية والحروب بين الأسياد ، وطبيعي إذن أن تعاني هذه الفئة سوء التغذية ، وتتعرض للأوبئة مثل وباء الطاعون ، وكان متوسط عمر الفلاح ، لا يتجاوز 30 عامًا.
الإقطاعيون ورغد الحياة:
الإقطاعيون ، أو
الأسياد ، فئة غنية ومتسلطة ، تستمد نفوذها من ملكية الأرض وما عليها من إنسان
وحيوان ، وتسمى تلك الأرض إقطاعية .
يعيش الإقطاعي ، إذن
، من منتوج إقطاعيته ، ومن الإتاوات التي يدفعها الفلاحون ، فهو لا يخدم الأرض ،
وإنما يحميها وينفق ثروته لتجهيز فرق الفرسان للدفاع عن إقطاعيته ولتوسيعها بالحرب
ضد الإقطاعيات المجاورة .
يقضي الإقطاعي وقته
بين الحرب والصيد وحياة البذخ في قصره ، حيث يقيم المآدب والحفلات
الكنيسة والحياة الروحية :
تتحكم الكنيسة في
وتيرة حياة الفرد منذ ولادته حتى وفاته ، وكان رجال الدين يباركون ويؤيدون تقسيم
المجتمع إلى طبقات ، ذلك أن دور الكنيسة لم يقتصر على الأمور الدينية فحسب ، بل
كان رجالها يمثلون طبقة متميزة تتمتع بنفوذ سياسي واقتصادي وثقافي ، فكانوا يملكون ضيعات كثيرة ، ويحصلون الضرائب
من جموع المؤمنين بالكنيسة .
إن هذه المكانة المرموقة
التي اكتسبتها الكنيسة جعلت عائلات الإقطاعيين تسعى إلى استغلال نفوذها من خلال
تعيين بعض أفرادها في السلك الديني واختيار وتعيين القساوسة ، الذين يخدمون
مصلحتها ، بقطع النظر عن تفقههم في الدين ، وهكذا تدهورت أحوال الكنيسة ، وحادت عن رسالتها
، ثم ما لبثت أن أغرقت المجتمع في خضم الخرافات والشعوذة ، ولم يتورع بعض الرهبان
عن بيع المناصب الكهنوتي.