أخر الاخبار

افريقيا ... نار الثورة تحت رماد الاستعمار

 

نار الثورة تحت رماد الاستعمار

التبعية الاقتصادية والاجتماعية:

استولى المعمرون في المستعمرات على أجود الأراضي ، إما بشرائها بثمن بخس أو بانتزاعها من أصحابها عنوة ، فمثلاً استولى المعمرون الفرنسيون في الجزائر على السهول الشمالية الخصبة وطردوا أصحابها نحو المناطق الجنوبية ، أما في المحميات فإن الشركات الأوروبية تحصل على امتيازات تمنحها الحكومات المحلية ، حيث تتنازل لها عن حق استغلال المواد الخام الطبيعية ( المطاط ، الخشب ... الخ ) ، في حين فضلت بعض الشركات استغلال مناطق امتيازها في إنتاج المزروعات التجارية ، التي أخذت تنتشر تدريجيا على حساب المزروعات المعاشية ( الكروم ، البن ، الكاكاو ... على حساب الحبوب والخضروات  ).

                                     

ومهما يكن من ازدهار وتنوع المحاصيل ، إلا أن ذلك كان موجها لمصلحة المستعمرين على حساب سكان البلاد الأصليين ، فقد اضطر الكثير منهم إلى التخلي عن نشاطاتهم التقليدية ، وتحولوا إلى يد عاملة رخيصة في مزارع المعمرين ، ولم تقتصر خطورة هذه الظاهرة على مرحلة الحكم الاستعماري

فقط ، بل تحولت إلى مشاكل مزمنة حتى حصول المستعمرات على استقلالها.

 

تزامنت مع التوسع الاستعماري هجرة أوروبية نحو المستعمرات ، نقلت معها لغاتها وعاداتها ونمط معيشتها الغريبة عن السكان الأصليين ، وأصبحت هذه الفئة تمثل مجتمعا دخيلاً متغطرسا في مواجهة السكان الأصليين الذين تدهورت أوضاعهم الاقتصادية والاجتماعية والثقافية ، فأصبحوا يعانون الثالوث الرهيب : الجهل ، الفقر ، المرض.

 

خريطة الحركة الاستعمارية في أوروبا



نار الثورة تحت رماد الاستعمار:

لم يقف الأفارقة مكتوفي الأيدي أمام الهجمة الاستعمارية الأوروبية المتعددة الجنسيات ، بل أظهروا ، منذ أولى محاولات التوغل الأوروبي ، استياءهم وعبروا عن رفضهم للأمر الواقع بأساليب تراوحت بين الانتفاضات القصيرة المدى والثورات العارمة ، ولم تتوقف حتى حصلت القارة على استقلالها.

        

ففي الجزائر استمرت مقاومة الأمير عبد القادر 17 سنة ، وتطلبت من الجنرال الفرنسي ، بيحو ، 8 سنوات من الحرق والتقتيل والتشتيت لكي يقضي عليها ، وكلّفت عمليات القمع تضحية الجزائر بثلث سكانها  ، وفي المغرب استمرت مقاومة المناطق الجبلية للاستعبار حتى سنة 1914  ، وفي غرب أفريقيا قاد الحاج عمر ( 1797 ـ 1864 ) مقاومة طويلة ، حاول أثناءها تأسيس دولة تضم السينغال وغامبيا للوقوف في وجه التوسع الفرنسي والإنجليزى . وفي النيجر تزعم تساموري مقاومة الاحتلال مدة عشر سنوات . (1898-1888)

لم تحمد نار الثورات الإفريقية طيلة القرن 19 م ومنتصف القرن 20 ، وهي إن لم تحقق أهدافها بسرعة فلأن مجموعة من العوامل حالت دون ذلك وأهمها :

ـ إن الثورات والثوار كانوا محاصرين داخل القارة ، فلم يتمكنوا من استغلال المنافذ البحرية للتزود بالأسلحة والمساعدات.

ـ إن الوسائل العسكرية البسيطة جعلت مصير المقاتلين مرهونا بعدد البنادق وكمية البارود التي يملكونها.

ـ إن الشجاعة والبسالة والإيمان بضرورة التضحية كانت تعوزها الأساليب القتالية العصرية ، التي يمكنها الصمود أمام التفوق التقني الأوروبي.

- إن قادة الثورات كانوا يعملون في عزلة عن بعضهم البعض ، فكان ذلك الانعزال ورقة رابحة في يد المستعمرين لتطبيق المبدأ القائل : " فرق تسد ".

 

 

تعليقات



حجم الخط
+
16
-
تباعد السطور
+
2
-